عندما يتحوّل المجلس التأسيسي إلى فضاء لتصفية الحسابات ولإدارة الحملات الانتخابية!

لم يكن المجلس الوطني التأسيسي الذي يطفؤ شمعته الأولى يوم 23 أكتوبر في مستوى انتظارات الشارع التونسي، إذ أنه سرعان ما حاد عن دوره الحقيقي والمتمثل في وضع دستور للبلاد يرتقى إلى مستوى الثورة التي نادت بالحرية والكرامة والمساواة ليصبح مجرّد فضاء لتصفية الحسابات الحزبية الضيقة ولادارة الحملات الانتخابية…



عندما يتحوّل المجلس التأسيسي إلى فضاء لتصفية الحسابات ولإدارة الحملات الانتخابية!

 

لم يكن المجلس الوطني التأسيسي الذي يطفؤ شمعته الأولى يوم 23 أكتوبر في مستوى انتظارات الشارع التونسي، إذ أنه سرعان ما حاد عن دوره الحقيقي والمتمثل في وضع دستور للبلاد يرتقى إلى مستوى الثورة التي نادت بالحرية والكرامة والمساواة ليصبح مجرّد فضاء لتصفية الحسابات الحزبية الضيقة ولادارة الحملات الانتخابية.

حتى أن تداعيات العنف السياسي الممارس صلب المجلس ألقت بضلالها ليس فقط على المشهد السياسي برمته وإنما على المجتمع التونسي الذي لا يمكن إلا أن تؤثر فيه مشاهد التراشق والاستفزازات المتبادلة بين نواب الترويكا من جهة ونواب المعارضة من جهة أخرى.

 

فالكل وأمام عيون الكاميرا أصبح يستعرض في قوته ويمارس السلطة العليا للمجلس بالطرق المشروعة وغير المشروعة عله يحظى بتعاليق الإعجاب على المواقع الاجتماعية أو أن يفوز بالقليل من الشهرة أو الحظوة داخل حزبه.

 

وفي استطلاعات الرأي الأخيرة تبين أن التونسيين لا يثقون في المجلس الوطني التأسيسي المخول له وضع دستور جديد للبلاد، في الوقت الذي تتزايد فيه الاتنقادات من الساحة الإعلامية والسياسية ومن الناشطين على صفحات التواصل الاجتماعي لأداء المجلس ومصداقيته سيما بعد نشر رواتب النواب المرتفعة والتي لا يمكن أن يقبلها الشعب وتونس تعيش فترة صعبة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.

 

كما أن الاختلافات حول نقاط أساسية من الدستور خاصة تلك المتعلقة بالحريات أثارت المخاوف من تمرير دستور يحد من الحريات عبر المجلس التاسيسي ويؤسس لدكتاتورية جديدة في تونس غطاؤها ديني، فكانت محاولات "الترويكا" خاصة حركة النهضة لتمرير أفكارها الحزبية في الدستور بمثابة ناقوس الخطر الذي توجس منه التونسيون باعتبار أن الدستور لا يمكن أن يكون لفئة دون غيرها فهو شامل وضامن لجميع الحقوق والحريات.

 

أما بالنسبة لتشنج العلاقات بين النواب التي تصل في بعض الأحيان إلى تبادل الاتهامات والعنف اللفظى فهي من شأنها أن تؤثر سلبا على بقية مشوار المجلس التاسيسي وكذلك على الدستور وهنا أتساءل كيف سيكون محتوى هذا الدستور في ظل تدني مستوى عدد من النواب الحضاري والثقافي وهل سيقبل به التونسيون هكذا بعد المصادقة عليه؟

 

فالأمل في أن يكون الدستور الجديد في قيمة الثورة التي استشهد من أجلها شبان تونسيون أحرار أصبح يتضاءل يوما بعد يوم في ظل التجاذبات السياسية التي تهيمن على المشهد السياسي اليوم والتي تدخل في خانة الاحتكار بالسلطة، في حين أن مصلحة تونس تقتضي من جميع الأطراف التحلي بروح الديمقراطية الحقيقية وتطبيق أهداف الثورة دون ممطالة أو تسويف.

 

وعلى نواب المجلس الوطني التاسيسي الذين سيعقدون اليوم فيما بينهم جلسة للنظر في علاقة المجلس بالسلطة التنفيذية أن يقوموا بتقييم العلاقات المتدنية فيما بينهم والتي أصبحت محل سخط وتهكم من قبل التونسيين وعليهم الإسراع في وضع الدستور المنتظر وتغليب المصلحة العليا للوطن وترك الحسابات الحزبية إلى فترة الحملة الانتخابية والأهم وكصحفية تخفيف الضغط على عمل الصحفيين.

 

مريم التايب

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.