مساعي لكسر الجمود في العلاقات الدبلوماسية بين تونس والجزائر

تشهد العلاقات التونسية الجزائرية بعد الثورة حالة من البرود بالرغم من المحاولات التي قامت بها تونس لدفع هذه العلاقات وإحياءها مع هذا البلد المجاور وطمأنته حول سلاسة المسار الديمقراطي خاصة بعد صعود الإسلاميين إلى الحكم…



مساعي لكسر الجمود في العلاقات الدبلوماسية بين تونس والجزائر

 

تشهد العلاقات التونسية الجزائرية بعد الثورة حالة من البرود بالرغم من المحاولات التي قامت بها تونس لدفع هذه العلاقات وإحياءها مع هذا البلد المجاور وطمأنته حول  سلاسة المسار الديمقراطي خاصة بعد صعود الإسلاميين إلى الحكم.

 

وتسببت تصريحات رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي في انزعاج الجزائر والتي انتقد فيها رفض الجزائر حكم الإسلاميين بالإضافة إلى إعلانه عن عقد قمّة مغاربية في تونس بحضور جميع رؤساء دول الاتحاد المغربي. 

 

ورفضت الجزائر قرار تونس من خلال وزارة الخارجية السماح للجزائريين بدخول الأراضي التونسية ببطاقة التعريف الوطنية عوضا عن جوازات السفر وانتقدت عدم إبلاغ السلطات الجزائرية بالقرار التونسي.

 

وتجددت المساعى الآن لكسر الجمود في العلاقات بين البلدين الشقيقين إذ يحل اليوم الثلاثاء وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي (في الصورة) في زيارة رسمية إلى تونس ينتظر أن يلتقي خلالها نظيره التونسي.

 

كما ينتظر أن يحلّ رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي بالجزائر يوم 3 ديسمبر القادم في زيارة رسمية تدوم يومين.

 

وكشفت مصادر إعلامية بأن زيارة الحبالي إلى الجزائر ستكون فرصة لبحث مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، أهمّها تنقل الأشخاص وبحث الملفات الأمنية المشتركة بين البلدين، خاصّة ما تعلق منها بتأمين الحدود ومحاربة الإرهاب والتهريب وسبل دفع التعاون الثنائي في مجال الاقتصاد.

 

كما أضافت بأنه سيتمّ طرح فكرة إقامة مشاريع مشتركة وإنجازات ميدانية على أمل مساعدة تونس على الخروج من أزمتها الاقتصادية سيما وأن الجبالي سيكون مرفوقا بوفد هامّ مكوّن من وزراء ورجال أعمال.

 

وسيتمّ التباحث كذلك حول مسألة التطرف الديني وتأمين الحدود المشتركة خاصّة في ظلّ تنامي التيار السلفي في تونس وتهديد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي للاستقرار في المنطقة حسب ذات المصادر.

 

وأضافت أن السلطات الجزائرية أجلت لأكثر من مرّة زيارة الجبالي الذي قد كشف في حوار سابق لـ"الشروق" أنه أبلغ المسؤولين الجزائريين برغبته في القيام بزيارة رسمية للجزائر، خلال مشاركته في جنازة الرئيس أحمد بن بلة، في أفريل الماضي، إلا أن البرودة التي كانت تتعامل بها السلطات الجزائرية مع نظيرتها التونسية، حالت دون الردّ على طلب الجبالي، وأجلته السلطات الجزائرية لأكثر من مرّة.

 

يذكر أن الجزائر قد قدّمت في أفريل 2011 مساعدة مالية بقيمة 100 مليون دولار لتونس، وذلك خلال الزيارة التي قام بها الوزير الأول السابق  الباجي قائد السبسي للجزائر. ويتوزّع هذا المبلغ إلى عشرة ملايين هبة و40 مليونا في شكل قرض بنسبة فائدة 1 بالمائة.

 

ويسدّد على 15 عاما مع فترة إمهال خمس سنوات. كما تشمل المساعدة مبلغا قيمته 50 مليون دولار، يتمّ إيداعه في البنك المركزي التونسي دون توظيف فائدة على المبلغ.

 

من جهة أخرى، اعتبر المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أن تطوير العلاقة مع الجزائر يعتبر خطوة هامة بالنسبة إلى الدولة التونسية، مشيرا إلى أن تأمين الوضع الداخلي في تونس لطالما كان مرتبطا ببناء علاقات ايجابيّة وعلى الأقل غير متوتّرة مع الجزائر.

وأضاف بان الدفع الايجابي بين الجزائر والحركة الإسلامية الحاكمة حاليّا سيكون لصالح البلدين، مبرزا أن  حركة النهضة مطالبة بأن تكون حذرة في التعامل مع ملف العلاقات مع الجزائر، واصفا العلاقة الحالية بين النهضة والجزائر بأنها علاقة تحسس وعلاقة حذرة.

 

وأوضح الجورشي أن تونس تنشد دعما اقتصاديا هامّا وملموسا من الجزائر، في حين ينتظر بلد المليون شهيد من تونس انضباطا أمنيا وعلى الدبلوماسية الشعبية التي تدعو إليها حركة النهضة أن تكون ملتزمة ومنسجمة مع الدبلوماسية الرسمية.

 

في المقابل، انتقد وزير الخارجية الأسبق أحمد ونيس موقف الجزائر المتحفظ تجاه الثورة التونسية، وقال في ندوة حول السياسة الخارجية لتونس ما بعد الثورة بأن الجزائر تسعى إلى تطويق نفسها لمنع وصول الثورات العربية إليها عبر تعزيز ترسانتها العسكرية.

 

وأضاف بأن الجزائر قادمة على تحوّل ديمقراطي أو ما يسمى بالتطبيع الجزائري مع الثورات العربية، مشيرا إلى ضرورة مضي تونس في بناء محور اقتصادي مع الجارة ليبيا خاصة بعد إجهاض عقد قمة مغاربية كانت دعت إليها تونس.

 

في المقابل، رفض شكرى بلعيد تصريحات أحمد ونيس معتبرا أن أمن ومستقبل تونس مرتبطان بالأساس بالجارة الجزائر، ودعا إلى ضرورة العمل على تعزيز العلاقات بين البلدين في جميع المجالات وعدم تغييب الجزائر عن مختلف مراحل المسار الديمقراطي في البلاد.

 

مريم التايب

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.