هل يفجر الخلاف حول ميزانية رئاسة الجمهورية أزمة بين “النهضة” و”المؤتمر”؟

تلوح بوادر توتر جديدة بين الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي والأغلبية البرلمانية على خلفية تمسك رئاسة الجمهورية بميزانيتها التي رفض المجلس الوطني التأسيسي المصادقة عليها بحجة ارتفاعها مقارنة بالعام الماضي…



هل يفجر الخلاف حول ميزانية رئاسة الجمهورية أزمة بين “النهضة” و”المؤتمر”؟

 

تلوح بوادر توتر جديدة  بين الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي والأغلبية البرلمانية على خلفية تمسك رئاسة الجمهورية بميزانيتها التي رفض المجلس الوطني التأسيسي  المصادقة عليها بحجة ارتفاعها مقارنة بالعام الماضي.

 

وحذر عدنان منصر الناطق الرسمي باسم رئيس الجمهورية من أنه في صورة عدم مصادقة المجلس على ميزانية الرئاسة قبل 31 ديسمبر 2012 فإن التنظيم المؤقت للسلط العمومية يعطي المرزوقي صلاحية إصدار قرار جمهوري للمصادقة على الميزانية.

 

وأكد في ندوة صحفية أن ميزانية مؤسسة الرئاسة المقترحة للنقاش ضمن ميزانية الدولة لسنة 2013 والتي رفض أغلب نواب المجلس التأسيسي المصادقة عليها، لن يقع مراجعتها أو التقليص من قيمتها.

 

وقال منصر بأنه لا مجال للتخفيض في الميزانية "ولو بمليم واحد لأنها واقعية جدا"، مشيرا إلى أن الميزانية المعروضة على المجلس التأسيسي سيتم صرفها في نفقات مشروعة.

 

وأضاف أن الأمر يتعلق بزيادات على مستوى التأجير ونفقات التسيير الإداري بالإضافة إلى مصاريف مرتبطة بالنشاط السيادي والإقامات، مؤكدا أنه وقع التخفيض في ميزانية القصور من 3,7 مليون دينار سنة 2012 إلى 2,5 مليون دينار لسنة 2013.

 

وللتذكير فإن الميزانية الإجمالية لمؤسسة رئاسة الجمهورية المقترحة بعنوان سنة 2013 مقدرة بـ 79 مليون دينار أي بزيادة قدرها 8 مليون دينار مقارنة بسنة 2012.

 

وقد صوت نواب من حركة النهضة ضد هذه الميزانية مقابل قبولهم بكل من ميزانية المجلس التأسيسي ورئاسة الحكومة واللتين شهدتها ترفيعا بدورهما مقارنة بالسنة الماضية.

 

ويكشف الخلاف حول ميزانية رئاسة الجمهورية  حقيقة توتر العلاقة بين حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية بالرغم من محاولات الجانبين إخفائها منذ أزمة تسليم رئيس الوزراء الليبي الأسبق البغدادي المحمودي.

 

فقد أثار رفض  أعضاء المجلس التأسيسي في تونس المصادقة على مشروع ميزانية رئاسة الجمهورية ردود أفعال سياسية متباينة، بعد اتهامات وجهها أعضاء حزب المؤتمر من أجل الجمهورية إلى حركة النهضة بمحاولة ممارسة ضغوط سياسية على الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي ومحاولة لتجريده من صلاحياته.

 

وقالت عضو كتلة المؤتمر من اجل الجمهورية سامية عبو  إن هناك توجه نحو تكريس مفهوم جديد لمؤسسة الرئاسة على أن تكون مؤسسة ضعيفة ليس لها وجود فاعل على الساحة السياسية في البلاد.

 

من جهتها، نفت حركة النهضة  التهم الموجهة إليها من أبرز حلفائها السياسيين، مؤكدة أن البت في مشاريع القرارات يتم بشكل توافقي داخل كتلة الترويكا، مشيرة إلى أن التصويت على ميزانية الرئاسة كان بواقع 61 صوتاً من حركة النهضة مقابل تحفظ أربعة أعضاء.

 

وقد فسر بعض الملاحظين إسقاط ميزانية الرئاسة بكونها رسالة احتجاج على ارتفاع ميزانية التصرف الحكومي بواقع 75 بالمائة في مقابل تراجع النفقات الموجهة للمجالات التنموية، إلى جانب كونها ردا سياسيا من حركة النهضة على الانتقادات التي وجهها الرئيس منصف المرزوقي إلى الحكومة في الفترة الأخيرة.

 

يشار إلى أن المرزوقي أصبح منذ فترة يوجه انتقادات حادة إلى الحكومة وطالب مؤخرا إلى ضرورة إحداث حكومة جديدة تكون مكونة من الكفاءات لا غير  مما تسبب في حالة من الامتعاض لدى قيادات حركة النهضة التي تمسكت بوزارات السيادة خلال مشاورات التحوير الوزاري.

 

حتى أن حركة النهضة لوحت بإمكانية سحب الثقة من المنصف المرزوقي وقال صحبي عتيق رئيس الكتلة النيابية للحركة في المجلس التأسيسي  بأنه من غير المستبعد سحب الثقة من رئيس الجمهورية إن كان هناك طرح لحكومة كفاءات مصغرة، كل المواقع ستطرح للمراجعة بما في ذلك رئاسة الجمهورية.

 

ولم يخف المرزوقي قلقه من الأزمات المتتالية في البلاد سواء على الصعيد الأمني والسياسي أو على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي وخاصة في ظل تفاقم أزمة البطالة والتضخم وغلاء الأسعار والحركات الاحتجاجية في المناطق الداخلية

 

وبعد أن تعرّض إلى انتقادات واسعة خلال الأشهر الأولى من فترة حكمه بسبب صمته على بعض قرارات الحكومة، وخيارات حركة النهضة وخاصة من الأحزاب الليبيرالية واليسارية والعلمانية اتجّه المرزوقي إلى الظهور بأكثر استقلالية في الرأي والمواقف  الأمر الذي جعله يستعيد جزءاً من شعبيته المنهارة في الشارع التونسي.

 

وهو  يحاول بذلك الانتصار لتاريخه الحقوقي والنضالي، ولتجربته الذاتية في ظل تراجع حضور حزبه المؤتمر من أجل الجمهورية في الساحة السياسية بسبب الانشقاقات الواضحة في صفوفه وعجزه عن استقطاب الأنصار.

 

ويرى جلّ المراقبين أن تحالف المرزوقي مع حركة النهضة انتهى منذ  شهور وبأنه عاد  لينضم إلى صفوف المعارضة، ليتحالف مع الأحزاب والتيارات العلمانية واليسارية واليبيرالية بعد أن تأكّد من فشل حلفائه الإسلاميين في تحقيق وعودهم الانتخابية للشعب وبعد اتّساع دائرة الجدل حول محاولات حركة النهضة للانقلاب على الدولة المدنية والنموذج المجتمعي وخاصة في ما يتعلّق بحقوق المرأة والحريات الخاصة والعامة والموقف من الإعلام والقضاء والميليشيات والعلاقة مع النقابات ومن التيارات السلفية الجهادية.

 

للتذكير فإن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي أسسه منصف المرزوقي هدد  بالانسحاب من الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية.إذا لم تؤخذ  اقتراحات المرزوقي في الاعتبار في ما يتعلق بحكومة لكفاءات.

 

كما تروج أخبار حول رغبة المؤتمر في الحصول على حقيبة وزارة العدل التي يديرها حاليا نور الدين البحيرى ولكن يبدو أن حركة النهضة مازلت متمسكة بهذه الوزارة بالرغم من الانتقادات الكبرى الموجهة إليها من قبيل القضاة والمحامين ومكونات المجتمع المدني.

 

على صعيد آخر مازال الخلاف على نظام الحكم الذي سيتم اعتماده في تونس داخل المجلس الوطني التأسيسي  مستمرا ويشتد هذا الخلاف خاصة بين حركة النهضة التي تتبنى النظام البرلماني والمؤتمر من أجل الجمهورية الذي يدعو إلى نظام رئاسي معدل والذي يدافع  بكل استماتة على صلاحيات رئيس الجمهورية سيما في ما يتعلق بتعيين وإعفاء القيادات الأمنية والعسكرية.

 

كما أكدت مصادر إعلامية اختلاف  الحزبين بخصوص النزاع في سوريا إذ أن حركة النهضة حسب هذه المصادر قد أبدت موافقتها على التشريع لتدخل عسكري في سوريا بدعم من قطر وهو ما يرفضه المرزوقي بشدة.

 

مريم التايب

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.