مخاوف من تنامي خطر الإرهاب في تونس

أصبح الخطر الإرهابي الشغل الشاغل لدى التونسيين خاصّة بعد وقوع إصابات في صفوف قوات الأمن إثر انفجار ألغام في منطقة جبلية محاذية للجزائر يعتقد أنّ متشددين موالين للقاعدة قاموا بزرعها، في وقت أعلن فيه رئيس الحكومة أنّ مكافحة الإرهاب تتطلب إعادة ترتيب الأولويات

مخاوف من تنامي خطر الإرهاب في تونس

 
 

أصبح الخطر الإرهابي الشغل الشاغل لدى التونسيين خاصّة بعد وقوع إصابات في صفوف قوات الأمن إثر انفجار ألغام في منطقة جبلية محاذية للجزائر يعتقد أنّ متشددين موالين للقاعدة قاموا بزرعها، في وقت أعلن فيه رئيس الحكومة أنّ مكافحة الإرهاب تتطلب إعادة ترتيب الأولويات.

 

ودخلت المواجهات المسلّحة بين قوات الأمن التونسي وجماعات مسلّحة تسلّلت إلى جبل الشعانبي، الواقع بالقصرين قرب الحدود مع الجزائر، مرحلة متقدّمة من النزاع المسلّح بعدما استعملت هذه الجماعات لأوّل مرّة ألغاما أرضية لمنع تقدّم القوات التونسية صوبها.

 

وأعلن الجيش التونسي منطقة جبل الشعانبي، التي تمتدّ على مساحة 300 كلم، منطقة عسكرية وقام بقصف المخابئ التي يشتبه في احتوائها على ألغام ومتفجرات، نافيا على لسان العميد مختار بن نصر تسجيل تبادل لإطلاق النار مع الجماعات المسلّحة التي يتوقع أنها توغلت داخل الجزائر.

 

وعبّر مراقبون عن خشيتهم من الانزلاق إلى خطر النزاع المسلّح ضدّ جماعات يعتقدون أنها تنتمي للتيار الجهادي المتشدّد، متلقين بنفس الوقت حديث رئيس الحكومة حول إعادة ترتيب الأولويات بحذر خشية أن تكون للمقاربة الأمنية تداعيات سلبية على المسار الديمقراطي والحريات.

 

يقول محمد القوماني الخبير بشؤون التيارات الإسلامية وزعيم حزب الإصلاح والتنمية إنه تلقى تصريح علي العريض رئيس الحكومة بنوع من الخشية على أن تتغيّر الأولويات الوطنية بسبب تزايد مخاطر الإرهاب، "التي تأخرت القوى السياسية بفتح حوار وطني بشأنها".

 

ومواجهة الإرهاب لا يجب أن يكون على حساب أجندا الإصلاح السياسي ودعم الحريات والتنمية -بحسب رأي القوماني- الذي شدّد على أهميّة المضي قدما في دعم حقوق الإنسان والحريات والإصلاح السياسي وقيم التضامن باعتبارها "وسائل ناجعة" في مكافحة الإرهاب.

 

ويرى أنّ النزاع المسلح بين القوات التونسية والجماعات المسلحة "أصبح وشيكا"، خصوصا بعد وقوع اشتباكات في مناطق متعددة على غرار منطقة الروحية شهر سبتمبر/أيلول 2011 وبئر علي بن خليفة في فيفري/شباط 2012 ومنطقة فريانة في ديسمبر/كانون الأول 2012.

 

وحذّر من خطر تزايد المواجهات واختراق "الجماعات المتشددة" للحدود التونسية البرية، التي تمتدّ 900 كلم مع الجزائر و450 كلم مع ليبيا، في ظلّ استمرار الانقسامات السياسية وغياب لحمة وطنية قادرة على مواجهة هذه المخاطر.

 

ويوافقه الرأي زعيم حزب المجد عبد الوهاب الهاني الذي شدّد على ضرورة وضع الوحدة الوطنية "فوق كل اعتبار"، لافتا إلى أنّ الإرهاب يهدف إلى تمزيق أوصال المجتمع التونسي وإفشال التجربة الديمقراطية، بحسب قوله.

 

وعن تعليقه على تصريحات رئيس الحكومة بشأن إعادة ترتيب الأولويات يقول "بالفعل علينا أن نعيد ترتيبات الأولويات ولكن في أيّ اتجاه؟"، مؤكدا أنّ أولوية هذه المرحلة تقتضي توحيد صفوف التونسيين لإفشال مخططات الإرهابيين الذي يسعون لوضع "موطأ قدم" في تونس.

 

ويقول "نحن أمام خطر جيل جديد من تنظيم القاعدة"، داعيا إلى إحداث وكالة وطنية للأمن الاستراتيجي لمكافحة جريمة الإرهاب الدولية وتخفيف الضغط على الجيش التونسي الذي استنزفت جهوده بعد الثورة في عمليات حفظ الأمن داخل المدن عوضا عن تأمين الحدود.

 

ويشدد الهاني على أنّ مكافحة الإرهاب ينبغي أن تكون في اطار احترام معايير حقوق الإنسان واستمرار عملية الإصلاح السياسي والاجتماعي، "حتى لا ينجح الإرهاب في جرّ الدولة إلى استعمال نفس آلياته في عدم احترام الكرامة البشرية والقتل العشوائي وغير ذلك".

 

ورفض الناطق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي الإدلاء بتصريحات حول المقاصد من إعادة ترتيبات الأولويات في معاجلة ملف الإرهاب.

 

غير أنّ رياض الشعيبي عضو مجلس الشورى بحركة النهضة -التي تقود الائتلاف الحاكم- قال إنّ مسألة إعادة ترتيب الأولويات بالنسبة إلى حزبه تتمثل في وضع تهديد أمن المجتمع التونسي في أعلى مرتبة من الاهتمامات.

 

وقال إنّ موضوع الأمن الداخلي له أولوية قصوى في هذه المرحلة بالنظر إلى حاجة البلاد إلى الاستقرار وحاجة المجتمع للشعور بالأمن باعتبار ذلك من شروط بناء الدولة الجديدة في تونس وإنجاح مسار الانتقال والانتخابات القادمة.

 

وأكد أنّ الحومة باستطاعتها أن تواجه خطر الإرهاب من خلال القانون والمحاكمات العادلة دون أن تتجاوز معايير حقوق الإنسان من ذلك أن لا يقع القبض على الناس بمجرد الشبهة أو بناء على ما يعتقدونه في ضمائرهم، وفق تعبيره.

 

خميس بن بريك

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.