6 فيفري…إجلالا لشكري بلعيد !

كان يوما حزينا وممطرا …شتائيا مثقلا بأوجاع عدة. عندما نزل شكري من شقته صباح السادس من فيفري 2013 ما كان يعلم أن الموت بانتظاره في عطفة الساحة الصغيرة أمام العمارة. كان شكري دائما مشروع شهيد. كان لصدق قوله وإخلاص عمله يتصدر قائمة الذاهبين إلى أبعد من الموت من أجل الحياة الأمثل التي طالما …



كان يوما حزينا وممطرا …شتائيا مثقلا بأوجاع عدة. عندما نزل شكري من شقته صباح
السادس من فيفري 2013 ما كان يعلم أن الموت بانتظاره في عطفة الساحة الصغيرة أمام
العمارة. كان شكري دائما مشروع شهيد. كان لصدق قوله وإخلاص عمله يتصدر قائمة
الذاهبين إلى أبعد من الموت من أجل الحياة الأمثل التي طالما حلم بها لبلاده منذ
صغره. منذ أيام الجامعة وعصا البوليس الغليظة. منذ أيام وليالي سجن "الفردوس"
الموغل في صحراء رجيم معتوق البعيدة.

"يلزمنا نقف لتونس…" . كانت هذه من آخر نداءاته للوطن ولأبناء الوطن وكأنما
كان يستشعر أن الوطن في خطر داهم يستوجب من الجميع الوقوف للذود عنه. ووقف شكري
مثلما وقف دائما. شامخا شجاعا. وذهب دون أن ينهي مهامه . ذهب وهو يعرف أننا
سنقف بعده وبه ومعه .

والآن في ذكرى رحيله الأولى يمكن لروح الشهيد أن ترفرف من جديد على رصيف شارع
بورقيبة وعلى مقاهيه وأنديته. تونس اليوم تحيي فتاها العظيم وتقف محبة له في
قافلة الشهداء المستمرة استمرار عطاء بلادنا الكبير…
"تضيق قبور الميتين بمن بهم ./. وفي كل يوم أنت في القبر تكبر"

نعم مثلما قال نزار قباني في جمال عبد الناصر,ما انفك شكري بلعيد يكبر كل يوم
في قبره منذ استشهاده. فها أن تونس ومنذ سنة وبوقوف الآلاف من ابنائها وبأرواح
العشرات من شهدائها البواسل تكنس الظلام والظلال المخيفة وتفتح الورود لاستقبال
الأنوار…

وهاهي آخر اللحظات تأتي قبل ذكراه السنوية بنبإ سقوط قاتله على يد حرسنا الوطني,
بعد أن سقطت عصابات الأنصار القتلة وانفرط عقدهم في الجبال والمغاور . لقد ظنوا
أن مقتل شكري بلعيد بداية النهاية لنا..ظنوا أننا "الطاغوت" الذي أرسلهم الله
لمحاربته ونسوا أننا من تراب هذه الأرض ومن مائها ومن هوائها وأننا لا نموت.
نحن لا نموت.

مثلما لم يمت يوما ما حنبعل بركة ومثلما لم يمت يوما يوغرطة وتاكفاريناس وعلي
بن غذاهم والدغباجي ومصباح الجربوع والهادي شاكر وصالح بن يوسف.ومثلما لن يموت
شكري بلعيد ولا محمد البراهمي ولا جنود جيشنا ولا أعوان حرسنا وأمننا الذين
استشهدوا دفاعا عن تونس. وعن أهل تونس.

نحن لا نموت.

هم ينقضون وتنقضي آثارهم لأنهم ليسوا من طينة هذه الأرض . ولا من عجينة محنها
وأوجاع مخاضاتها العظمى. تلك العجينة التي أنجبت شكري بلعيد والتي تجعلنا اليوم
, في ذكرى استشهاده الأولى نقف إجلالا له مثلما سوف نقف دائما إجلالا للعظماء
من هذا الوطن.
 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.