تونس: هيومن رايتس تؤكد أن الداخلية لم توقف الأمنيين الذين قتلوا فتاتين بالقصرين وتطالب بفتح تحقيق مستقل

les-filles-dalhoumi

طالبت منظّمة هيومن رايتس ووتش في بيان لها اليوم الخميس 4 سبتمبر 2014 السلطات التونسية بفتح تحقيق ”شامل ومستقل ومحايد” في عملية إطلاق النار على فتاتين من قبل الشرطة في 23 أوت 2014 بمدينة القصرين والتي أدت إلى مقتلهما مشددة على ضرورة محاسبة كلّ عون شرطة ثبت تورطه في استخدام القوة المميتة بشكل غير مشروع”.

وفي ما يلي نص البيان:

قتلت الشابتان لما أطلقت عليهما الشرطة النار ليلا في القصرين، وهي مدينة قريبة من الحدود مع الجزائر. كما تعرضت امرأة أخرى إلى الإصابة بجروح، وقالت أخرى إنها تعرضت إلى الضرب على يد أعوان الشرطة بعد أن أطلقوا عليهم النار. وقال بيان صادر عن وزارة الداخلية في نفس اليوم إن الشرطة أطلقت النار عند حاجز أمني على سيارة كانت تسير بسرعة نحوهم رغم أنهم أشاروا لها بالتوقف، وأطلقوا النار في الهواء لتحذيرها. ولكن ناجين ممن كانوا في السيارة قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن أعوان الشرطة قاموا بإطلاق النار دون أن يعرفوا بأنفسهم ودون سابق إنذار.

قال إريك غولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “تقول السلطات التونسية إنها قامت بإصلاح قوات الأمن بعد أن تسببت في مقتل مئات الأشخاص بشكل غير قانوني أثناء انتفاضة 2011، ولكن عمليات القتل الأخيرة تبرز الحاجة العاجلة لفتح تحقيق علني ومستقل لضمان محاسبة أعوان الشرطة المسؤولين عن الحادثة”.

قال بيان وزارة الداخلية إن الشرطة وضعت حاجزًا أمنيا على مستوى الطريق الرابطة بين العريش والقصرين بعد ورود معلومات بأن عناصر من تنظيم مسلح كانوا يتحركون في المنطقة. كما قال إن قوات الأمن “أشارت على السيارة بالتوقف باستعمال الإشارة الضوئية الرفافة… وإطلاق النار في الهواء”، قبل إطلاق النار صوبها وإجبارها على التوقف.

قال ثلاثة ناجين ممن كانوا في السيارة لـ هيومن رايتس ووتش في مقابلات منفصلة إن عدد الركاب أثناء الحادثة كان سبعة أشخاص، خمسة نساء ورجلين، وهم جميعًا من نفس العائلة الموسعة، وكانوا في طريق العودة من حفل زفاف في إحدى المنتزهات في القصرين. كما قال الشهود إن مجموعة تتكون من 5 أو 10 رجال في لباس أسود، ظنوا أنهم منحرفين، خرجوا من بين الأشجار على الجانب الأيسر من الطريق، وأطلقوا النار على السيارة دون سابق إنذار.

قالت سندس دلهومي إنها كانت تقود السيارة ببطء لأن الطريق كانت مليئة بالحفر، ثم زادت في السرعة لما ظهر رجال في لباس أسود على حافة الطريق. كما قالت: “كان من الواضح أننا فتيات، كنا نغني، وأنا شعري طويل، وكانت أختي بجانبي. كانت السيارة مليئة بالفتيات”.

كما قالت إنها كانت ستوقف السيارة على الفور إن كانت تعلم أن الرجال كانوا من الشرطة. وأوقفت السيارة بمجرد بداية إطلاق النار، ولكن في الاثناء أصيبت أختها أحلام دلهومي وابنة عمها أنس دلهومي برصاصات قاتلة في الرأس، وأصيبت ابنة عمها الأخرى ياسمين صولة بجروح.

كما قالت سندس دلهومي: “بعد إطلاق النار، شاهدنا الرجال يقتربون منا، وعندها فقط عرفنا أنهم شرطة لأنهم كانوا يحملون شعار الشرطة على قمصانهم السوداء”.

وقالت كل من سندس دلهومي وشخصان آخران من ركاب السيارة، شعور دواحي وأشرف حنديري، لـ هيومن رايتس ووتش، إن الشرطة رفضت نقل الجثث إلى المستشفى أو مساعدة ابنة عمهم المصابة بجروح، وغادروا المكان بشكل مفاجئ في سيارة للشرطة.

وقالت شعور دواحي: ” سألت الشرطة لماذا لا يأخذونا إلى المستشفى؟ وصرت أصرخ في وجوههم: لماذا أطلقتم علينا النار؟ ثم بدأ أحد الأعوان يضربني بهراوة على جانب رجلي، فرميته بحجر على ظهره، فقام بضربي إلى أن فقدت وعيي، فتركونا هناك وفروا من المكان”.

خلصت باحثة هيومن رايتس ووتش التي زارت مكان الحادثة في 30 أوت إلى أن الطريق كانت في حالة سيئة جدًا، كما وصفها الشهود، وبها حفر كثيرة، وهو ما يعني أن قيادة السيارة بسرعة عالية في ذلك المكان لم يكن أمرًا عمليًا.

قال أحد السكان لـ هيومن رايتس ووتش إنه سمع موسيقى في ليلة 23 أوت، وشاهد سيارة من نوع غولف 4 وبها عديد الأشخاص وهي تسير ببطء، ثم عرجت نحو طريق العريش، وسمع إطلاق نار بعد ذلك بقليل.

كما قال إنه لم يسمع أي تحذير، ولما وصل إلى المكان، كان الجميع قد غادروا المكان، وكانت توجد بقع دم قام بتصويرها. وإطلعت هيومن رايتس على الصور.

وفي 24 أوت، أعلنت وزارة الداخلية أنها فتحت تحقيقًا إداريًا داخليًا، بينما قالت سفارة ألمانيا في تونس إنها ستولي اهتماما كبيرًا بالتحقيقات لأن أحلام دلهومي وشقيقتها سندس كانتا تحملان الجنسيتين الألمانية والتونسية معًا. كما فتح قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية في القصرين تحقيقًا قضائيًا. وفي 1 سبتمبر ، قال محمد علي العروي، الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، لـ هيومن رايتس ووتش إن الوزارة لم تقم بالإيقاف التحفظي لأعوان الشرطة الذين أطلقوا النار ولم تفصلهم وقتيا عن العمل.

يُذكر أن مجموعات مسلحة في جهة القصرين نفذت سلسلة من الهجمات التي تسببت في مقتل أكثر من 30 شرطيًا وجنديًا منذ أفريل 2013. وفي إحدى الحوادث الأكثر دموية، قتل 15 جنديًا في هجوم في جبل الشعانبي المحاذي للحدود الجزائرية.

تنص مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون على أن لا يستخدم أعوان الأمن والشرطة الأسلحة النارية بشكل مميت إلا “عندما يتعذر تمامًا تجنب ذلك من أجل حماية الأرواح”. كما تنص هذه المبادئ على التبليغ والتحقيق بشكل مستقل في استخدام الأسلحة النارية من قبل الشرطة، وخاصة عندما ينتج عن ذلك حالات وفاة.

قال إريك غولدستين: “يتعين على السلطات التونسية فتح تحقيق معمق في هذه القضية دون تأخير، وضمان محاسبة جميع الأعوان المسؤولين عن استخدام الأسلحة بشكل غير مشروع”.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.