لجان التحقيق البرلمانية :بين غياب النص القانوني و”التهميش السياسي”

خلف إسقاط الجلسة العامة بالبرلمان المنعقدة الثلاثاء الماضي، مقترحا يقضي بتكوين لجنة تحقيق برلمانية في شبهات فساد إداري ومالي تعلقت برئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين، ردود أفعال بين أعضاء مجلس نواب الشعب بعضها مستحسن وبعضها الآخر مستهجن لهذا الأمر، وأعاد إلى السطح التساؤلات عن جدوى لجان التحقيق البرلمانية العديدة التي تكونت سابقا لكنها لم تفض إلى أية نتائج أو قرارات ملموسة.
فقد تكونت لجان تحقيق عديدة منذ المجلس الوطني التأسيسي وصولا إلى مجلس نواب الشعب، فمن لجنة التحقيق في أحداث 9 أفريل 2012 مرورا بالتحقيق في أحداث بطحاء محمد علي 4 ديسمبر 2012 و لجنة التحقيق في أحداث الرش بسليانة وصولا إلى ما عرف بلجنة التحقيق في وثائق بنما والتي مضى على إنشائها حوالي 10 أشهر، لكنها لم تتقدم قيد أنملة في ما أنشأت من أجله، تبقى لجان التحقيق البرلمانية محط تساؤل عن مدى جدواها وفاعليتها؟، وهل هي لجان لطمس الحقائق كما قيل عنها ؟.
لجان التحقيق البرلمانية.. هل غياب النص القانوني هو المشكل؟
في هذا الموضوع استقت وكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات) آراء عدد من نواب البرلمان بخصوص جدوى لجان التحقيق البرلمانية، واختلفت الآراء بين من يعتبر غياب النص القانوني المنظم لعمل هذه اللجان كان العائق الأول الذي يحول دون تحقيق نتائج ملموسة في ما أنيط بعهدتها من تحقيق، وبين من يرى أن توقف عملها يعود بالأساس إلى رغبة سياسية في تعطيل التحقيقات نظرا لتورط بعض الأطراف السياسية في الموضوع محل التحقيق.
فقد اعتبر النائب عن كتلة نداء تونس الطيب المدني، أن لجان التحقيق التي وقع إنشاؤها سابقا في مجلس نواب الشعب أو المجلس الوطني التأسيسي لم تكن ذات جدوى بسبب عدم توفر الآليات القانونية لها لتتمكن من أداء عملها على أكمل وجه. واستدل المدني على كلامه بأن الملفات في لجنة التحقيق الخاصة بأوراق بنما (أنشأت في أفريل 2016 ) جاهزة لكن لم تتم إحالتها على المجلس إلى الآن بسبب غياب القانون المنظم لعملها.
ولاحظ المدني كذلك أن غياب التجربة في القيام بالتحقيقات بمجلس نواب الشعب يجعل عمل اللجان متذبذبا وغير منظم .
من جهته اعتبر عضو كتلة حركة النهضة بدر الدين عبد الكافي أن توقف عمل لجان التحقيق البرلمانية ليس له أية جوانب سياسية، مؤكدا أن ما يعطل عمل هذه اللجان هو غياب الإطار القانوني المنظم لعملها.
وقال في تصريح ل(وات)” إن النواب تفطنوا إلى أن لجان التحقيق تقتضي المأسسة وتم بالتالي، طرح مبادرة تشريعية لتنظيم عمل هذه اللجان وتدخلاتها وإطار تحركها وهي بصدد الدراسة في لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية.
غياب الإرادة السياسية
ولئن اعتبر عبد الكافي أن المسألة قانونية بالأساس، فقد خالف الرأي زميله بالبرلمان عن الكتلة الديمقراطية، نعمان العش، حيث قال “إن إهمال عمل لجان التحقيق البرلمانية يعود في جانب منه إلى غياب الإرادة السياسية لتمكين هذه اللجان من العمل نظرا إلى أنها ستطرح إشكاليات أو مواضيع لا تناسب أطرافا سياسية معينة تكون هي نفسها طرفا في لجنة التحقيق ويكون لها ارتباط بالتجاوزات المراد التحقيق فيها وبالتالي فإنها تعمل على تهميش عمل اللجنة وطمس الحقائق وحتى لا يقع اتهام طرف معين بهذه الشبهة أو تلك”.
وفي السياق ذاته، أكد حسونة الناصفي النائب عن كتلة الحرة لحركة مشروع تونس، وجود “صد” من السلطة التنفيذية للجان التحقيق البرلمانية وعدم الانصياع لعملها بالاستناد إلى أنها ليس لها سلطة رقابية وأي سند قانوني، مذكرا في هذا السياق بالعراقيل التي واجهتها لجنة التحقيق البرلمانية في أحداث 9 أفريل 2012 ، التي أنشأت في المجلس التأسيسي، واتهمت فيها وزارة الداخلية وكان على رأسها آنذاك عضو حركة النهضة علي العريض، باستعمال العنف ضد المحتفلين بذكرى 9 أفريل 1938 يوم 9 أفريل 2012، حيث رفضت الوزارة حينها مد النواب بأية تقارير أو الإجابة عن أية أسئلة للاستفسار عن مصدر العنف الذي سلط على المحتجين.
وبين الناصفي أن السلطة التنفيذية لطالما تذرعت بغياب النص التشريعي، وبالتالي وجب تنظيم عمل لجان التحقيق البرلمانية بنص قانوني واضح لكي يضطلع مجلس نواب الشعب بدوره الرقابي الحقيقي.
وبين النائب عن الجبهة الشعبية جيلاني الهمامي، أن كتل الأغلبية بمجلس نواب الشعب ليس لها الإرادة السياسية لفتح الملفات والتحقيق بكل جدية في مسائل تتعلق بالفساد أو تجاوز السلطة، “وبالتالي فإن عمل لجان التحقيق يبقى دون جدوى”وفق تعبيره.
ويشار إلى أن الفصل الأول من مشروع القانون المتعلق بتنظيم عمل لجان التحقيق البرلمانية، ينص على أنه يخول لمجلس نواب الشعب إحداث هذه اللجان بناء على طلب من ربع أعضاء المجلس، ثم الموافقة عليه بأغلبية الأعضاء الحاضرين في الجلسة العامة، على ألا يقل عدد الموافقين عن الثلث.
وتتولى هذه اللجان حسب الفصل نفسه “الكشف عن الحقيقة في موضوع معين ولا يستثنى من مهامها أي مجال أو نشاط أو جهة”.
هندلجان التحقيق البرلمانية …بين غياب النص القانوني و”التهميش السياسي”

تونس 19 جانفي 2017 ( وات/تحرير هندة الذهيبي) – خلف إسقاط الجلسة العامة بالبرلمان المنعقدة الثلاثاء الماضي، مقترحا يقضي بتكوين لجنة تحقيق برلمانية في شبهات فساد إداري ومالي تعلقت برئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين، ردود أفعال بين أعضاء مجلس نواب الشعب بعضها مستحسن وبعضها الآخر مستهجن لهذا الأمر، وأعاد إلى السطح التساؤلات عن جدوى لجان التحقيق البرلمانية العديدة التي تكونت سابقا لكنها لم تفض إلى أية نتائج أو قرارات ملموسة.
فقد تكونت لجان تحقيق عديدة منذ المجلس الوطني التأسيسي وصولا إلى مجلس نواب الشعب، فمن لجنة التحقيق في أحداث 9 أفريل 2012 مرورا بالتحقيق في أحداث بطحاء محمد علي 4 ديسمبر 2012 و لجنة التحقيق في أحداث الرش بسليانة وصولا إلى ما عرف بلجنة التحقيق في وثائق بنما والتي مضى على إنشائها حوالي 10 أشهر، لكنها لم تتقدم قيد أنملة في ما أنشأت من أجله، تبقى لجان التحقيق البرلمانية محط تساؤل عن مدى جدواها وفاعليتها؟، وهل هي لجان لطمس الحقائق كما قيل عنها ؟.
لجان التحقيق البرلمانية.. هل غياب النص القانوني هو المشكل؟
في هذا الموضوع استقت وكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات) آراء عدد من نواب البرلمان بخصوص جدوى لجان التحقيق البرلمانية، واختلفت الآراء بين من يعتبر غياب النص القانوني المنظم لعمل هذه اللجان كان العائق الأول الذي يحول دون تحقيق نتائج ملموسة في ما أنيط بعهدتها من تحقيق، وبين من يرى أن توقف عملها يعود بالأساس إلى رغبة سياسية في تعطيل التحقيقات نظرا لتورط بعض الأطراف السياسية في الموضوع محل التحقيق.
فقد اعتبر النائب عن كتلة نداء تونس الطيب المدني، أن لجان التحقيق التي وقع إنشاؤها سابقا في مجلس نواب الشعب أو المجلس الوطني التأسيسي لم تكن ذات جدوى بسبب عدم توفر الآليات القانونية لها لتتمكن من أداء عملها على أكمل وجه. واستدل المدني على كلامه بأن الملفات في لجنة التحقيق الخاصة بأوراق بنما (أنشأت في أفريل 2016 ) جاهزة لكن لم تتم إحالتها على المجلس إلى الآن بسبب غياب القانون المنظم لعملها.
ولاحظ المدني كذلك أن غياب التجربة في القيام بالتحقيقات بمجلس نواب الشعب يجعل عمل اللجان متذبذبا وغير منظم .
من جهته اعتبر عضو كتلة حركة النهضة بدر الدين عبد الكافي أن توقف عمل لجان التحقيق البرلمانية ليس له أية جوانب سياسية، مؤكدا أن ما يعطل عمل هذه اللجان هو غياب الإطار القانوني المنظم لعملها.
وقال في تصريح ل(وات)” إن النواب تفطنوا إلى أن لجان التحقيق تقتضي المأسسة وتم بالتالي، طرح مبادرة تشريعية لتنظيم عمل هذه اللجان وتدخلاتها وإطار تحركها وهي بصدد الدراسة في لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية.
غياب الإرادة السياسية
ولئن اعتبر عبد الكافي أن المسألة قانونية بالأساس، فقد خالف الرأي زميله بالبرلمان عن الكتلة الديمقراطية، نعمان العش، حيث قال “إن إهمال عمل لجان التحقيق البرلمانية يعود في جانب منه إلى غياب الإرادة السياسية لتمكين هذه اللجان من العمل نظرا إلى أنها ستطرح إشكاليات أو مواضيع لا تناسب أطرافا سياسية معينة تكون هي نفسها طرفا في لجنة التحقيق ويكون لها ارتباط بالتجاوزات المراد التحقيق فيها وبالتالي فإنها تعمل على تهميش عمل اللجنة وطمس الحقائق وحتى لا يقع اتهام طرف معين بهذه الشبهة أو تلك”.
وفي السياق ذاته، أكد حسونة الناصفي النائب عن كتلة الحرة لحركة مشروع تونس، وجود “صد” من السلطة التنفيذية للجان التحقيق البرلمانية وعدم الانصياع لعملها بالاستناد إلى أنها ليس لها سلطة رقابية وأي سند قانوني، مذكرا في هذا السياق بالعراقيل التي واجهتها لجنة التحقيق البرلمانية في أحداث 9 أفريل 2012 ، التي أنشأت في المجلس التأسيسي، واتهمت فيها وزارة الداخلية وكان على رأسها آنذاك عضو حركة النهضة علي العريض، باستعمال العنف ضد المحتفلين بذكرى 9 أفريل 1938 يوم 9 أفريل 2012، حيث رفضت الوزارة حينها مد النواب بأية تقارير أو الإجابة عن أية أسئلة للاستفسار عن مصدر العنف الذي سلط على المحتجين.
وبين الناصفي أن السلطة التنفيذية لطالما تذرعت بغياب النص التشريعي، وبالتالي وجب تنظيم عمل لجان التحقيق البرلمانية بنص قانوني واضح لكي يضطلع مجلس نواب الشعب بدوره الرقابي الحقيقي.
وبين النائب عن الجبهة الشعبية جيلاني الهمامي، أن كتل الأغلبية بمجلس نواب الشعب ليس لها الإرادة السياسية لفتح الملفات والتحقيق بكل جدية في مسائل تتعلق بالفساد أو تجاوز السلطة، “وبالتالي فإن عمل لجان التحقيق يبقى دون جدوى”وفق تعبيره.
ويشار إلى أن الفصل الأول من مشروع القانون المتعلق بتنظيم عمل لجان التحقيق البرلمانية، ينص على أنه يخول لمجلس نواب الشعب إحداث هذه اللجان بناء على طلب من ربع أعضاء المجلس، ثم الموافقة عليه بأغلبية الأعضاء الحاضرين في الجلسة العامة، على ألا يقل عدد الموافقين عن الثلث.
وتتولى هذه اللجان حسب الفصل نفسه “الكشف عن الحقيقة في موضوع معين ولا يستثنى من مهامها أي مجال أو نشاط أو جهة”.
هند

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.